{وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53)}{وكذلك فَتَنَّا} ومثل ذلك الفتن العظيم، فتنا بعض الناس ببعض، أي ابتليناهم بهم. وذلك أنّ المشركين كانوا يقولون للمسلمين {أهؤلاء} الذين {مَنَّ الله عَلَيْهِم مّن بَيْنِنَا} أي أنعم عليهم بالتوفيق لإصابة الحق ولما يسعدهم عنده من دوننا، ونحن المقدمون والرؤساء، وهم العبيد والفقراء، إنكاراً لأن يكون أمثالهم على الحق وممنوناً عليهم من بينهم بالخير، ونحوه {أَءلْقِىَ الذّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا} [القمر: 25]، {وَلَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف: 11]. ومعنى فتناهم ليقولوا ذلك: خذلناهم فافتتنوا، حتى كان افتنانهم سبباً لهذا القول، لأنه لا يقول مثل قولهم هذا إلاّ مخذول مفتون {أَلَيْسَ الله بِأَعْلَمَ بالشاكرين} أي الله أعلم بمن يقع منه الإيمان والشكر فيوفقه للإيمان. وبمن يصمم على كفره فيخذله ويمنعه التوفيق.