سورة الأنعام - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


{وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53)}
{وكذلك فَتَنَّا} ومثل ذلك الفتن العظيم، فتنا بعض الناس ببعض، أي ابتليناهم بهم. وذلك أنّ المشركين كانوا يقولون للمسلمين {أهؤلاء} الذين {مَنَّ الله عَلَيْهِم مّن بَيْنِنَا} أي أنعم عليهم بالتوفيق لإصابة الحق ولما يسعدهم عنده من دوننا، ونحن المقدمون والرؤساء، وهم العبيد والفقراء، إنكاراً لأن يكون أمثالهم على الحق وممنوناً عليهم من بينهم بالخير، ونحوه {أَءلْقِىَ الذّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا} [القمر: 25]، {وَلَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف: 11]. ومعنى فتناهم ليقولوا ذلك: خذلناهم فافتتنوا، حتى كان افتنانهم سبباً لهذا القول، لأنه لا يقول مثل قولهم هذا إلاّ مخذول مفتون {أَلَيْسَ الله بِأَعْلَمَ بالشاكرين} أي الله أعلم بمن يقع منه الإيمان والشكر فيوفقه للإيمان. وبمن يصمم على كفره فيخذله ويمنعه التوفيق.


{وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)}
{فَقُلْ سلام عَلَيْكُمْ} إما أن يكون أمراً بتبليغ سلام الله إليهم. وإما أن يكون أمراً بأن يبدأهم بالسلام إكراماً لهم وتطييباً لقلوبهم. وكذلك قوله: {كَتَبَ رَبُّكُمْ على نَفْسِهِ الرحمة} من جملة ما يقول لهم ليسرهم ويبشرهم بسعة رحمة الله وقبوله التوبة منهم. وقرئ: (إنه) فإنه بالكسر على الاستئناف كأن الرحمة استفسرت فقيل: {أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ} وبالفتح على الإبدال من الرحمة {بِجَهَالَةٍ} في موضع الحال، أي عمله وهو جاهل. وفيه معنيان، أحدهما: أنه فاعل فعل الجهلة لأنّ من عمل ما يؤدي إلى الضرر في العاقبة وهو عالم بذلك أو ظانّ فهو من أهل السفه والجهل، لا من أهل الحكمة والتدبير. ومنه قول الشاعر:
عَلَى أَنَّهَا قَالَتْ عَشِيَّةَ زُرْتُهَا *** جَهِلْتَ عَلَى عَمْدٍ وَلَمْ تَكُ جَاهِلا
والثاني: أنه جاهل بما يتعلق به من المكروه والمضرة. ومن حق الحكيم أن لا يقدم على شيء حتى يعلم حاله وكيفيته. وقيل: إنها نزلت في عمر رضي الله عنه حين أشار بإجابة الكفرة إلى ما سألوا ولم يعلم أنها مفسدة.


{وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55)}
وقرئ: {ولتستبين} بالتاء والياء مع رفع السبيل لأنها تذكر وتؤنث. وبالتاء على خطاب الرسول مع نصب السبيل. يقال: استبان الأمر وتبين واستبنته وتبينته. والمعنى: ومثل ذلك التفصيل البين نفصل آيات القرآن ونلخصها في صفة أحوال المجرمين. من هو مطبوع على قلبه لا يرجى إسلامه، ومن يرى فيه إمارة القبول وهو الذي يخاف إذا سمع ذكر القيامة، ومن دخل في الإسلام إلا أنه لا يحفظ حدوده، ولتستوضح سبيلهم فتعامل كلاً منهم بما يجب أن يعامل به، فصلنا ذلك التفصيل.

9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16